آخــــــر مــا حــــــرر

دواعي اندلاع ثورة الكرامة السورية



  1. لقد أطبق الفساد على كل مفاصل الحياة وأركانها، قبل اندلاع ثورة الكرامة، فتفككت منظومة القيم والأخلاق في المجتمع السوري.. حتى صارت قيمة المواطن تقاس بالمال الذي يملكه، وبمعنى أدق بالمال الذي يبذله ليشتري به شيئاً من كرامته التي أريقت على أعتاب المستبدين، وبمعنى أعمق: فإن قيمة المواطن مرتبطة بقيمة قرينه من الضباط والأعيان الذين يتقرب الناس منهم طلباً للمصلحة وتحاشياً للأذى، مما أدى إلى اندلاع ثورة الكرامة.
  2. لم تكن ثورة الكرامة السورية بدعة من الثورات لكنها جاءت في سياق ربيع عربي ساخن، وهذا الربيع العربي جاء أيضاً في سياق ربيع عالمي بارد ومتباعد في أحداثه، وتوصلت من خلاله أكثر شعوب العالم إلى انتزاع حريتها لكن بسلاسة أكثر بكثير من الحالة العربية.. وتحديداً الحالة السورية.
  3. بالتزامن مع ثورة التكنولوجيا والمعلومات العالمية لم يعد خافياً على أحد أهمية وجود النظم الديمقراطية وبالمقابل خطورة بقاء النظم الديكتاتورية، فزمن الإقامات الأبدية للزعماء انتهى، ويجب أن نسلم بأن الشعب السوري هو من الشعوب القليلة التي لا تنعم بالحرية والكرامة، ففي الوقت التي تفكر فيه شعوب العالم بمزيد من الرخاء والرفاهية انشغل الشعب السوري بالهاجس الأمني، وباللهاث وراء لقمة العيش، مع أن الشعب السوري أحق من غيره في الحرية والكرامة حيث كانت سورية سبّاقة إلى الديمقراطية في المنطقة قبل أن تستولي عليها الديكتاتورية الطائفية.
  4. اندلعت ثورة الكرامة السورية في الوقت «بدل الضائع» حيث كان زنادقة الحكم يستكملون إجراءات تسليم سورية لإيران. في عملية دقيقة لتغيير الجينات الوراثية للشعب السوري، بحيث يتم تغير هويته العربية والإسلامية.. لتلتحق سورية بإيران كما التحقت العراق بها..
  5. قبل اندلاع ثورة الكرامة السورية انتشرت دعوات محمومة ونشطة لنشر المذهب الشيعي في البلاد وخاصة في المناطق الفقيرة، ورصدت أموال طائلة لخدمة هذا المشروع، ومن هنا يمكن اعتبار الثورة السورية بمثابة المنقذ لسورية الوطن من أيدي الخاطفين الماورائيين الخبثاء، وقد تم افتكاك الرهينة إلى حد كبير، لكن الرهينة– للأسف- أصيبت بجروح بالغة الخطورة، وهي في حالة حرجة، عافاك الله يا وطن.
  6. قامت الثورة السورية عندما تيقن الشعب السوري بأن الأفق مسدود أمامه لأي أمل بالنهضة والتطوير والحياة الكريمة، وليس لدى الشعب السوري أي فرصة لمواكبة العصر، فقد قرر الطغاة دفنه في مقابر الوحشة والضياع، وعزله عن المحيط الخارجي حتى لا يرى أنماطاً أخرى من الحياة غير تلك التي أرادها له الطغاة.
  7. لم يكن نظام الأسد يملك أدنى رؤية لمشروع نهضوي أو برنامج تنموي يخدم الشعب السوري، ويرفع من شأن سورية... ولم يكن في يوم من الأيام أميناً على مصالح الشعب ومقدرات الوطن.. لأنه ببساطة لا يعترف أن للشعب السوري أدنى حق في سورية، معتبراً أن أرض الوطن وماءه وهواءه ملك له وهو المتفضل على الناس بما يملكون.
  8. إن التطور البطيء الذي حدث في سورية- في عهدي الأسد الأب والابن- كان تطوراً تلقائياً تفرضه قواعد الصيرورة الطبيعية، وكان الجزء الأكبر منه يحدث بأيدي السوريين دون دعم من الحكومة وخارج نطاق الموازنة.. ومع ذلك فإن حركة التطور السورية- قياساً لمثيلاتها في العالم- تعد تراجعاً إلى الوراء، وعندما كان يحاول النظام تزيين سورية بمشروع حداثي وعصري فإنه يصر على أن تستفيد منه عائلته وطائفته بالدرجة الأولى.
  9. بعد أن حضرت كل الظروف الموضوعية والمبررات الحتمية لقيام ثورة الكرامة السورية اندلعت ثورة الأحرار، دون أن تأخذ إذناً من أحد أو إشارة من جهة خارجية، فقد تلقت الإشارة من الضمير الجمعي للشعب السوري الثائر أصلا قبل ثورته في الشوارع، فمعظم السوريين كانت تعتلج في صدورهم براكين من الغضب المستعر لما يلاقونه من ظلم النظام وجوره.
  10. ولدت الثورة السورية من رحم المعاناة المستمرة ولا يمكن للمولود أن يرتد إلى الوراء بعد الولادة.. وانطلقت كالسهم بقرار شعبي وطني لا رجعة فيه، تنفض عنها واقع العبودية والخضوع، فأصيب النظام بالصدمة والذهول، حيث لم يكن متوقعا أن يتمرد الشعب السوري على سلطانه، ويخدش كبرياءه، بل إنه راهن على ذلك.


ليست هناك تعليقات