آخــــــر مــا حــــــرر

نداء إلى عناصر هيئة تحرير الشام


من المؤكد أن اسمها مختلف تماماً عَن مضمونها، فبينما يشير اسمها إلى تلك الفزعة التي تاق الشعب السوري لها واحتاجها تحت وابل النيران التي سلطها عليه نظام الأسد تبيّن أنها مشروع مناصر للنظام ومحارب للشعب السوري ولثورته ولفصائله الثورية والحديث عن [جبهة النصرة].
كل الوثائق تثبت أن الجبهة هي صناعة مخابراتية مع أن عناصرها متعددو الجنسيات حيث أتوا من دول شتى عربية وأجنبية واخترقوا الحدود السورية من كل اتجاهاتها لكنهم انتظموا في النواة الصلبة التي أنشأتها [مخابرات نظام الأسد] وعينت عليها [الجولاني] ... الجولاني الذي لا يعرف أحد من السوريين باستثناء النظام أباه ولا أمه وإخوته ورفاق دربه ومرتع طفولته.. فقيل إن اسمه [أسامة العبسي] وقيل [أحمد حسين الشرع] وهو الأرجح.. وربما هو غير ذلك.
لقد اختارات مخابرات النظام التمهيد لولادة ذلك الجسم المخابراتي المعادي لثورة الشعب السوري [التمهيد الإعلامي] لظهور الجبهة التي سميت لاحقاً (هيئة تحرير الشام) فمع اكتمال تشكيل النواة الأولى لها كان إعلام النظام يتحدث عن مواجه رجال الأمن والجيش لمجموعات من [جبهة النصرة] وكان يعرض صوراً لسيارات كتب عليها اسم النصرة وأسلحة يدعي ملكية النصرة لها.
لقد اختار النظام أن تكون النواة الأولى لجبهة النصرة مكونة من عناصر موثوقة وكان وبعض عناصرها من ضباط النظام نفسه، ممن تلقوا دورات شرعية قاعدية تركز على [الحاكمية وتطبيق الشريعة والمكفرات ومبدأ الولاء والبراء].. وقسم منهم كان من نزلاء [سجن صيدنايا أو سجن عدرا] من المعتقلين بتهمة [السلفية الجهادية] ومعظمهم كانوا من العائدين من [العراق] بعد أن قاموا بمحاربة الأمريكان بدفع من مخابرات النظام نفسها التي صنعت شخصية ذات كاريزما جهادية من الطراز الرفيع تدعى [محمود غول أغاسي] حيث تواصل رؤساء أفرع المخابرات مع أهم نزلاء السجون وأكثرهم تطرفاً وتشدداً، ومن المحكوم عليهم بالإعدام، وعرضوا عليهم صفقة للخروج من السجن مقابل رفضهم لفكرة الثورة ولا مانع من ممارسة [النشاط القاعدي] على اعتبار أن البلاد مهددة بمؤامرة كونية تقودها [أمريكا] التي حاربوها في [العراق] فقبل معظم السجناء ذلك العرض، وتردد البعض، لكن النظام سايرهم وأخلى سبيلهم ليلتحقوا لاحقاً بجبهة النصرة التي بدأ يتعاظم شأنها بعد انشقاقها عن [تنظيم الدولة] وقتالها له.
لقد كانت [الإيديولوجيا القاعدية] المتشددة هي الناظم الأساسي لحركة [جبهة النصرة].. وتتمحور تلك الإيديولوجيا على فكرة إقامة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة الأولى على حد زعمهم، ومحاربة العالم الغربي الذي يحرم المسلمين من أي فرصة لإقامة الخلافة، (وكل ذلك وفقاً لهم)، وأسقطوا من ذهنية عناصرهم فكرة محاربة النظام إلا في الظاهر المعلن، معتبرين أن الهدف الأسمى هو القتال لجعل [كلمة الله هي العليا].
بطريقة أو بأخرى مكن النظام الأسدي جبهة الجولاني من السيطرة على المعابر الأساسية التي يدخل منها المهاجرون من عابري الحدود، بهدف الجهاد في [بلاد الشام] ضد طاغية الشام [بشار الأسد] وهؤلاء يخضعون لدورة شرعية سياسية تقلب أفكارهم وتحول أهدافهم من محاربة النظام إلى محاربة الثورة التي لا تضع في حساباتها إقامة الخلافة وتطبيق الشريعة.
بناء على تلك الإيديولوجيا تحركت [عصابة الجولاني] بطريقة تستولي من خلالها على المناطق التي حررها [الجيش السوري الحر] وتسوق نفسها على أنها تمثل الإسلام الحقيقي، بعيداً عن الفساد والتساهل في الواجبات الدينية، ومن بوابة تطبيق الشريعة وتحديداً من بند [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر].
راحت الجبهة تمارس قمة الاستبداد في المناطق المحررة وتزايد على الناس في دينهم، وتبطش بهم البطشة الكبرى، بحجة أو بأخرى، ليمتد أذاها على الفصائل الثورية، فتبدأ بابتلاعها الفصيل تلو الآخر، منتهجة [مبدأ التغلب]، مستفيدة من اختراقها لكثير من [قيادات الجيش الحر] وعناصره، مستغلة انعدام الرغبة لدى الثوار في محاربة أبناء جلدتهم، إضافة الى إمساك هيئة تحرير الشام يالعامل المالي المتوافر بكثرة لديهم، في مقابل جفاف التمويل تدريجياً لدى فصائل الثورة.
بهذا الإيجاز يتبين لنا أن جبهة الجولاني هي معادية للثورة السورية، أنتجتها مخابرات النظام لتقمع أي نشاط ثوري في المحرر عندما لا تكون هناك مواجهات مع ميليشيا النظام الطائفية، ولتمنع الفصائل من التحرك ضد قوات النظام في أوقات المواجهات، ثم تسليم المناطق للنظام بسلاسة بعد تمثيل بعض المسرحيات الملعوبة.. وتقدم بذلك خدمات بالغة للنظام الإرهابي متخفية وراء المظاهر الدينية سلماً، وخلف راية الجهاد حرباً.
فيا شباب الوطن الجريح ممن التحقوا بهيئة تحرير الشام هل ترضون أن تضعوا أنفسكم في خندق العدو تقاتلون أبناء أعظم ثورة في التاريخ وأنتم تظنون أنكم ترفعون كلمة الله؟.
هل يعقل أن تنطلي عليكم تلك المؤامرة المعقدة ومعروف عن شباب سورية الفطنة والذكاء؟
أيها الإخوة المنخرطون في تلك العصابة المخابراتية الباغية أنتم وحدكم القادرون على وضع حد لمخططات النظام وحلفائه بانقلابكم على بيعة المجهول الجولاني وإنهاء فتنته الظلماء.
هل تقبلون من تلك العصابة تسلطها على رقاب الأبرياء المدنيين وناشطي الحراك الثوري يعتقلون ويعذبون ويغتالون المطلوبين في قوائم النظام الأمنية؟.
لا تسمحوا لأمرائكم أن يكرهوكم على الإثم والعدوان وارتكاب الجرائم بحق الناس، فما لهذا حملتم السلاح، فقيمة السلاح هي بقيمة الهدف الذي يحمل من أجله فلا تجعلوه أداة شيطانية تسترخصون به الدماء المعصومة، واجعلوه أداة قدسية للدفاع عن أهلكم وبلدكم وأعراضكم وهويتكم.
أيها الشباب السوريون المتخندقون في المكان الخطأ هي ميتة واحدة كتبها الله عليكم فاجعلوها خالصة لوجهه الكريم ولا تزهقوا أرواحكم تحت راية عدوانية فتخسروا الدارين معاً وذلك هو الخسران المبين.
كلنا أمل بكم أن تتخذوا القرار المسدد بخروجكم على أهل البغي والعدوان ممن يكفرون الناس ويقتلونهم كما اتخذتم قراركم الأول يوم انشقاقكم عن النظام المجرم القاتل.. وأن تعودوا لثورتكم المباركة التي أقضّت مضاجع النظام وحلفائه وأدمت أنوفهم.  
  4/6/2019.

ليست هناك تعليقات