آخــــــر مــا حــــــرر

هل هي الذنوب؟


أيها السادة العلماء والإخوة الفضلاء.. أيها الأصدقاء المتكلمون في الشأن السوري:
أرجوكم لا تجلدوا الشعب السوري ولا تحملوه أكثر مما يحتمل!!!..  فلا تقولوا: إن ما أصاب السوريين هو بفعل ذنوبهم فهذا التفسير قاصر وظالم.. نصوص القرآن كثيرة فلماذا قصرتم رؤيتكم على نص واحد؟.. فالبلاء يأتي: تكفيرا عن السيئات ورفعا للدرجات وابتلاء للصبر وتمحيصا للصفوف وعقابا على الجحود وانذارا من المخالفة وتذكيرا للغافلين وتنبيها للمذنبين.
لكننا نسمع من كثير من المتكلمين قولهم: «والله يا أخي هذا كله ذنوب»!... وهذا خطأ جسيم..  وخاصة أنه يتعلق بحكمة الله التي لا يدركها إلا خاصة الأنبياء.. والراسخون في العلم من العلماء.. ولوكان هذا التفسير صحيحا لأمكن القول: إن الشعب السوري هو أكثر المذنبين في التاريخ والجغرافيا... لأن ما أصابهم هو أصعب وأشد من كل بلاء موجود على هذا الكوكب.
ففي سوريا يقتل الأطفال وتهان المحرمات وتهدم المساجد... فهل الأطفال مذنبون والله يعاقبهم؟.. وهل أطفال الغوطة ضحايا الكيماوي مذنبون؟.. هل البنات اللواتي استشهدن  في عندان وهن يحفظن القرآن مذنبات؟.. أفكار غريبة في وطني الحبيب..  وما أسوأ الخطأ عندما يكون شائعا.
إن ما يقع اليوم من عذاب في سوريا لا يصيب الأشرار بقدر ما يصيب الأخيار الأبرار وعباد الله الأطهار.. إن ما يحصل اليوم هو اختبار للأمة قاطبة.. ولعل الله اختار السوريين كمادة لهذا الاختبار الصعب.. لأنهم الأكثر صبرا والأقوى إيمانا وأخذا بعزائم الأمور... هذا اختبار للأمة التي أصابها الوهن والتخلف والتبعية وانحراف الفهم وضحالة الوعي وانتشار لآفات القلوب...
إن الذنب الحقيقي هو ذاك الذي تقع فيه الأمة اليوم وهي تتخلف عن نجدة السوريين ونصرتهم... وهو من أعظم الذنوب.. فالأمة هي المذنبة وليس الشعب السوري الذي دافع عن الأمة وتلقى بصدور أبنائه أهوالاً كان من المقرر أن تصيب الجميع..
وأنت أيها الواعظ الوقور حين ترد محنة الشعب السوري للذنوب فعليك أن تتطهر من إثم غرورك وريائك قبل أن تتورط بالخوض في «حكمة الله» الذي (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ).
وبعد أن ضرب السوريون للعالم أمثلة من الصبر والصمود والثبات على الحق والمبدأ ورفض المذلة والخضوع يأتي مجادل «منضجع على جنبه» وقد ملَّ من كثرة النعم التي يتقلب فيها ليقول: لولا ذنوبكم لما أصابكم ما أصابكم من البلاء.. وكأنه يريد القول بأن سابغات النعم التي أصابته تدل على أنه أحد أولياء الله الصالحين.  
خلاصة القول بيان الله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ).
فكلما كان الإيمان بالله قويا كلما اهتدى صاحبه لحكمة الله في تدبير الأمر وتصريفه..
ناصر الحسين ابو المجد 23/2/2016

ليست هناك تعليقات