آخــــــر مــا حــــــرر

ثقافة التفرق


                                              
                                                 
هناك أمر يُمتدح كثيرا لدى طيف واسع من النخب الإسلامية بطريقة غير موضوعية هو الفرقة!!! بل إن الفرقة التي تترافق مع معاني التيه والهدم والضعف والتخلف وجدت من يدافع عنها ويتبناها. وهذه الثقافة تأسست في عصر الانحطاط. فالفرقة وجدت من يمتدحها من علماء المسلمين لتبرير الخلاف العلمي في كل فكرة، فحين تقرأ في أغلب الكتب الإسلامية فسوف تجدها تعج بكلمات مثل: «في المسألة قولان أو أقوال», أو القول: «ذهب العلماء في هذه المسألة مذاهب شتى» وكثرت كلمة: «قيل وقيل وقيل» حتى بلغ الأمر حدا لا تخلو فيه قضية من الخلاف. وهذه تعتبر ظاهرة في التنهيج الديني الإسلامي وكان يجب ألا يسكت عليها لكن المؤسف أن هذه الظاهرة وجدت من يحميها ويدافع عنها بالقول: «اختلاف أئمة أمتي رحمة» فاقتنع عموم المسلمين بثقافة الاختلاف حتى صار الاختلاف جزءا من الثقافة الإسلامية وحالة طبيعية  وصحية.
ولا بد من الاعتراف بأن إشاعة هذه المقولة تخفي داء أشد خطورة منها وهو تعصيم الأشخاص وتقديس الأعيان!!!. فإعادة النظر في التنهيج الفرقوي تصطدم مع امبراطوريات تاريخية علمية مع أن اجتماع الأمة على نهج علمي موحد هو حاجة حضارية وتربوية ودعوية فلا يمكن بناء الحضارة بالفرقة ولا يمكن تربية الأجيال بالتشتت ومحال نجاح الدعوة بالتشرذم. فكان يجب الإقرار بالداء لوصف الدواء لكن المشكلة كيف نعالج المرض إن كنا نمتدحه أصلا؟؟ كيف أقصد الطبيب لأعالج الداء وأنا أتصور أن الداء هو علامة قوة. وهذا الكلام ينطوي على خطر كبير فكيف نتخيل أن تُبنى العقول وهي تتلقى علما مشتتا وفكرا ممزقا.
إن تعبئة العقول بالعلم المتفرق والفكر المشتت أنتج ثقافة تمتدح الفرقة وتدافع عنها وتبررها. وكأن الفرقة حالة طبيعية والوحدة- التي أمر الله بها- أمر طارىء وغريب عن الأمة، مع أن الفشل جعل قرينا للفرقة «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم».

ليست هناك تعليقات