آخــــــر مــا حــــــرر

الثورة في ضمائر الاحرار



ﺇﻥ ﺍﻟﺨﻴﻞ ﺇﺫﺍ ﺷﺎﺭﻓﺖ على ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻀﻤﺎﺭ ﺑﺬﻟﺖ ﻗﺼﺎﺭﻯ ﺟﻬﺪﻫﺎ ﻟﺘﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺴﺒﺎﻕ.. فيا أحرار سوريا لا ﺗﻜﻦ ﺍﻟﺨﻴﻞ ﺃﻓﻄﻦ ﻣﻨكم! ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑخواتيمها.. فلعل الصبر المطلوب منا اليوم هو الصبر الذي يسبق سقوط الديكتاتور وتفكك منظومته الإجرامية.
الثورة في ضمائر الاحرار.. وستنتهي الثورة عندما تموت الضمائر الحرة.. وضمائر الأحرار حيَّة لا تموت.. لكنها تنال الشهادة.. والشهداء هم الأحياء المخلدون.. أيها الثوار الأحرار.. يا أصحاب العزائم الصلبة.. والقلوب القوية.. امضوا في طريقكم فقد أنجزتم الكثير.. ومن أنجز الكثير فعليه أن يتابع المسير.. فأنتم أصحاب الصولة الأولى.
عند الحديث عن الوطن والوطنية فإن الثائرين على النظام المجرم هم الوطنِيُّون الحقيقيون.. وهم البناة الصادقون للوطن.. فالوقائع أثبتت أن أنصار النظام يهدمون الوطن ويحرقون أركانه.. وقد قالوها ونفذوها عملياً: «الأسد أو نحرق البلد».. فمن هو الوطني الحقيقي؟....
الثورة السورية جاءت لتغسل تاريخاً مليئاً بالقتامة والسواد.. مزدحماً بالعار والصَّغار.. ولتصنع تاريخاً جديداً حافلاً بالسؤدد والفخار.. تحفظ فيه الكرامات.. وتصان الأعراض.. ولا يعلو أحد فوق أحد مهما تكن مكانته.
مهما تعقدت الأمور.. وتشابكت الأحداث.. فستبقى سوريا بخير.. لا يضرها ظلم الظالمين.. ولا يضيمها غدر الغادرين.. ففي سورية مُدَّخرات قيَّمة من القدرات والطاقات الخلاقة.. وفيها مخزون من الشهداء يكفي لضخِّ شلالات من الضياء تنير الدرب للأجيال القادمة.. وتنثر الأمل في ربوع الوطن الجميل.
رأينا في سوريا شجاعة لا مثيل لها.. لدى فريق يواجه خطر النظام عن قرب.. بقلوب صخرية وعزيمة حديدية.. لكننا رأينا في الضفّة المقابلة فريقا جباناً يعشعش الخوف في زوايا نفسه ويسافر الهلع معه إلى أقاصي الدنيا.. فيلجم لسانه عن قول الحق.. ويشل حركته عن الموقف النبيل.. وربما يدفعه الهلع لنصح الآخرين بالتخلي عن خيار الكرامة.. لأن نفسه لا تألف الكرامة أصلاً.. يخفي ثوريَّته من فرط خوفه.. بل وقد يخفي سوريَّته من شدة الحذر.
مما يثير الغضب والعجب تلك النزعة التواكُلَّية عند بعض أنصار الثورة.. فهم يريدون نصرا بالمجان.. ويريدون فتحا يأتي من عزائم خائرة.. وهمم خاوية.. يتفرجون على المشهد من مقاعد الجماهير وكأن القضية لا تعنيهم.. مع أن دماء الأبرياء تناديهم.. والواجب المشرِّف يدعوهم لبذل أي جهد مهما كان صغيرا.
والأكثر إثارة للغضب أن ترى أنصار النظام أكثر حماسة ونشاطا وتوحدا من أنصار الثورة، وهذا ما أحدث فارقا ملحوظا في كسب النظام لكثير من المعارك السياسية والإعلامية وخاصة معارك الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي، ومع كل ذلك فإن الفئة القليلة المخلصة في الثورة هي التي تتحمل العبء الأكبر وتملأ فراغ المتقاعسين.
وما يدعو للدهشة أن يتصدر المراكز القيادية في الثورة السورية من ليس لديه همَّة لحمل الأعباء ولا إمكانية للتخطيط والإدارة، والأشد من ذلك إدهاشا أن ترى البعض لا يرغب بإسقاط النظام لان ذلك  يقضي على مكتسباته الشخصية والمادية وربما يفضح بعض ممارساته الآثمة.. واليوم تثبت الثورة السورية أنها قادرة على تجاوز كل هذه الأصناف بهمة الجنود المجهولين.
إن ما يثير الذعر ويدعو للقلق ولا يمكن التسامح معه أن كثيرا من أولي الشأن مرتبطون ارتباطا وثيقا بأعداء الشعب السوري، ويعملون وفقا لبرامج عدائية، ينفذون مخططاتهم مقابل وعود رخيصة بمناصب وضيعة.
عبد الناصر أبو المجد... 

ليست هناك تعليقات