آخــــــر مــا حــــــرر

المعارضة في دور المتفرج على المذبحة السورية



لقد لعبت المعارضة والنخب ما يشبه دور المتفرج على المذبحة السورية.. ويوشك المتفرج أن يكون شريكا في  الجريمة.. لأنه ما من أحد يمكنه الادعاء أنه لا يستطيع فعل شيء لأهله في الوطن الجريح.. وخاصة أولئك الذين تصدروا الصفوف الأولى.. وكان منتظراً منهم أن يمثلوا ثورة الأحرار.. ويعبروا عن تطلعات الشعب السوري الثائر.. لكنهم وللأسف كانوا «عرائس شمع» تحركهم أهواؤهم الشخصية.. والرياح الخارجية..
ليس العدو الخارجي هو من ينهش بالثورة فحسب.. فهناك  جريمة سطو جماعية على الثورة المباركة من الداخل وعلى مكتسباتها.. وجريمة خطف لأهداف الثورة وتضحياتها.. مما يحتم على الأحرار ضرورة الأخذ بزمام المبادرة لإعادة الحق إلى أهله.. فتعود الثورة للثوار.. ويعود الوطن إلى عهدة الأوفياء الأحرار.
صدق من سمى الثورة السورية بالثورة الفاضحة.. فقد فضحت أصحاب المصالح الدنيئة.. والنفوس المريضة.. والغايات الرخيصة.. هذا فيما يخص البيت الداخلي .. أما في المحيط الخارجي فقد كشفت الثورة القناع عن زيف ادعاء المقاومة والممانعة من النظام وأعوانه الإيرانيين الأوباش.. فتبين للناس أن من يتسترون خلف اللافتات الفضفاضة هم أشد أعداء الأمة والشعب والوطن.. ويجب الاستفادة من فضح الثورة لهم.
لا يجادل أحد بأن ثورة الشعب السوري كانت أم الثورات.. وملهمة الثورات.. لكن أغلبية المعارضات السورية والنخب المثقفة تتعامل مع الحدث السوري وكأن المذبحة لا تعنيهم ولا تهمهم.. وليس لهم هم سوى توضيب أوضاعهم الشخصية بمناصب ارتاحوا لها واطمأنوا بها.. ومنهم من كان همه فقط ترتيب أوضاعه الحزبية.. ولا مصلحة له بسقوط النظام قبل استكمال قاعدة شعبية تتيح له موقعا مرموقا في سوريا المستقبل.
مما يثير الغضب والعجب تلك النزعة التواكلية عند الكثير من أنصار الثورة.. فهم يريدون نصرا بالمجان.. ويريدون فتحا يأتي من من السماء التي لا تمطر نصراً ولا فرجاً بعزائم خائرة.. وهمم خاوية.. يتفرجون من مقاعد الجماهير وكأن القضية لا تعنيهم.. مع أن دماء الأبرياء تناديهم.. والواجب المشرّف يدعوهم لبذل أي جهد مهما كان صغيرا.
من المؤسف والمخيب للآمال أن ترى أنصار النظام أكثر حماسة ونشاطا وتوحدا من كثير من أنصار الثورة.. وهذا ما أحدث فارقا ملحوظا في كسب النظام لكثير من المعارك السياسية والإعلامية.. وخاصة معارك كسب الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي.. مع أن الحق واضح والتضحيات جمة.. مما يساعد على كسب مزيد من الأنصار.
من المخزي أن يكون أصحاب الحق أقل حماسة لحقهم من أصحاب الباطل.. الذين ينطلقون بباطلهم بكل همة ونشاط..  به يجاهرون وبه يفاخرون بكل وقاحة وفجور.. في حين ترى بعض أصحاب الحق منكفئين على أنفسهم محرجين من إشهار توجههم أو خائفين من إعلان ثورتهم.
أسوأ ما في أمر المعارضة هو أن كثيرا منهم لا يرغبون بإسقاط النظام.. لأن ذلك  يقضي على مكتسباتهم الشخصية والمادية.. وربما يفضح بعض ممارساتهم الآثمة.. وقد يحرمهم سقوط النظام من مُتعٍ كان محروما منها قبل ثورة الكرامة.. فقد أتاحت له تضحيات الأطفال فرصة ذهبية ليتقلب في نعيم الفنادق الهادئة والمطاعم العامرة.
إن ما يثير الذعر ويدعو للقلق ولا يمكن التسامح معه أن كثيرا من أولي الشأن في المعارضة السورية مرتبطون ارتباطا وثيقا بأعداء الشعب السوري.. ويعملون وفقا لبرامج عدائية.. ينفذون مخططاتهم مقابل وعود رخيصة بمناصب وضيعة.. وقد شاهدنا كيف أن من يرفع صوته قليلا ويزايد على تضحيات الشعب بمقدوره أن يخترق الصفوف طولا وعرضا.
الثورة السورية عانقت العلياء والمجد.. وتجاوزت كل الأرقام القياسية في الصمود والتضحية.. لكن ما يدعو إلى الدهشة والذهول أن يتصدر المراكز القيادية في الثورة السورية من ليس لديه قدرة على حمل الأعباء.. ولا إمكانية للتخطيط الرشيد والتنفيذ السديد.

ليست هناك تعليقات