إن شكل الاصطفاف الذي أحدثته ثورة الكرامة السورية هو قمة في الروعة
والإبداع، حيث قسمت الشعب السوري ما بين مؤيدومعارض، فانقسم المجتمع ما بين أحرار
وعبيد، ولم يكن هدف الثورة السورية أن تقسم الشعب ما بين إسلامي وعلماني،
فهذه بدعة حشروها في سورية حشراَ، وأرادوا بهافتنة لتكفير الناس.
ثورة الكرامة هي ثورة الحقوق، حقوق الإنسان، التي لا تستطيع قوة أن
تقف في وجهها، هي ليستثورة ضد الجوع
والحرمان، ولا ثورة المال والأعمال، لكنها كانت ثورة ضد الظلم والهوان.
لقد أنهت الثورة السورية مقولة القائد الرمز والبطل الفذ، والظاهرة
الاستثناء، والرقم الصعب، وحطّمت هيبة المنظومة الأمنية، هيبة تلاشت تحت
ضربات الثوار وهتافات الأحرار، فأين مليونياتك يا أسد؟. اليوم أنتم أيها
الطغاة لا تستطيعون أن تظهروا فوق الأرض حيث دخلتم في الجحور تزاحمون الفئران
والجرذان.
الثورة السورية ثورة فاضحة مدمّرة للعقول المتحجرة والضمائر
المتصلبة، فضحت أكبر مؤامرة في المنطقة، وهي مسرحية المقاومة والممانعة،
ودمّرت أخطر مشروع في التاريخ وهو المشروع الفارسي الشيعي الحاقد.
لم نقم بالثورة على البغي والطغيان من أجل الهزيمة, فزمن الهزائم مضى،
وزمن الإخفاق قد انقضى, وتكلفة الهزيمة هي أكبر بكثير من تكلفة المضي في
الثورة, وثمن الاستسلام هو أكبر بكثير من ثمن الصمود، نحن قوم أحرقنا السفن
ولن نلتفت إلى الخلف, شعب سوريا لن يلتفت خلفه إلى ماضي الذل والهوان إلا
بمزيد من اللعن والإنكار والاحتقار.
شعب سورية أخذ بزمام المبادرة, ولم يعد بوسعه القبول بماضي المهانة,
حيث كانت تدفن الكرامات حيّة, وتمرّغ الأنوف بالتراب, ويهان الشيخ الكبير
والسادة المعتبرين، بعد عقود طويلة من التمسح بالصنم وتقديم مناسك التزلف،
وطقوس الذوبان, انتفض شباب الوطن الأحرار ينفضون عن سورية غبار الاستكانة
والخضوع للمحتل الأسدي.
كشفت ثورة الأحرار السورية أن الأسد لم يكن يحمل أدنى النوايا
الحسنة للشعب العظيم، بل كان يكن كامل العداء لأبناء الوطن، يحدّ سكاكين الغدر
والانتقام طيلة الفترة السابقة, وكان يشعر بأنه سيكون يوماَ ما في مواجهة
محتومة مع شعب لا يشبهه في الأصالة والكبرياء.
الشعب السوري هو الأحق بالمبادرة لنيل الحرية، وهو الأجدر بالعيش
الكريم، ولن يكون العيش كريماً بوجود الحثالة الأسدية، ولئن كان للثورةفي بداية انطلاقهابعض المبررات والدواعي، فبعد انفضاحمخبوءات طاغية سورية وحلفائه، وانكشاف
سوءاته صار لدينا ألف مبرر للمضي في ثورة الكرامة والتاريخ.
ثوار الكرامة أسرجوا خيول العز بعزم لا ينثني، وانطلقوا بهامات لا
تنحني، يحطّمون أصنام السلطة والمال وعروش الطغاة الظالمين، ليضعوا حجر أساس
الكرامة للأمة جمعاء، مقدمين الغالي والرخيص دون تردد ولا فتور.
ثورتنا كأمواج المحيط تتقدم الموجة تلو الأخرى، بلا ملل ولا كلل،
تتجدد الهمة بين لحظة وأخرى في تصاعد مستمر لا يعرف الفتور، ثوار الكرامة
كالبركان كالإعصار، لهم عزيمة لا تضاهى وإرادة لا تبارى، هم اليوم يكتبون
التاريخ تاريخ ميلاد الكرامة والعزة والإباء.
جميل شكل الاصطفاف الذي أحدثته ثورة الكرامة السورية
مراجعة بواسطة مدونة ناصر ابو المجد
في
13.1.20
التقييم: 5
من أجمل ما قرأت
ردحذفمن أجمل ما قرأت
ردحذف