آخــــــر مــا حــــــرر

وجهك جميل يا وطني كوجه الطفولة الناعمة


  1. كيف أنساك يا وطني ونياط قلبي مربوطة بقعر أشجارك، مشدودة إلى جمال آثارك، كيف أنساك وبيوتاتك الحالمة على مروج زهرك وريحانك؟  كيف أنساك يا وطني وقطع من روحي تحوم في فضائك كعيون الليل تحرسك من اللصوص العابرة والوحوش الشاردة، لا لست أنساك لأنك مقيم في ثنايا القلب ما أقامت فيه الحياة.
  2. يعاتبني وطني بالقول: كيف تتركني يا صغيري وبيني وبينك عهود ووعود، وهمس ونجوى، وأيمان مؤكدة وقسم غليظ؟!، كيف تتركني وقد عاهدتني أن تحميني من كل عدوان، وأن تضحي بالغالي والرخيص من أجلي؟!، أنا ما تركتك يا وطني رغبةً عنك بغيرك، ولا زهداً فيك لسواك، ولا حباً في السياحة والترحال، فالسياحة كلها لديك، ولا بحثاً عن بديل عنك فكل البدائل سواك زيف وزور، وبضاعة مقلدة، وأنت وحدك صناعة أصلية، مباركة زكية، كأنك صنعت في السماء يا وطني العتيد.
  3. ظن اللئام بأنهم سيهزمونك يا وطني حين يضربونك بالحديد ويلفحونك  بالنار، ويرجمونك باللهب، فخاب ظنهم حين جهلوا أن لديك مناعة أزلية من الهزيمة والفناء، ولديك معادن أقوى من الحديد وأعتى من النيران، إنهم أهلك الأوفياء وجندك النجباء، وضعوك في محاجر المقل، وأطبقوا عليك شغاف القلوب فلا فتنة تؤذيك ولا مصيبة ترديك.
  4. ما أطيب قلبك يا وطني الحبيب، فتحت أبوابك للغادي والرائح، وقدمت خيراتك للقاصي والداني، ولم تنتظر شكرا من أحد، وفي ساعة العسرة والضيق عادوا إليك بأنياب مسمومة ومخالب ملغومة، يتطاير الشرر منهم إليك، جزاء لمعروفك وإحسانك، لا تحزن يا وطني فأنت كذلك لأنك أجمل الأوطان، وكل أعدائك اليوم يخسرون، وأنت الرابح الوحيد.
  5. في وطني الحبيب أعظم الثورات وأم الثورات- ثورة التحرير والبناء- ثورة تحرير الإنسان من ذل العبودية، وتحرير الوطن من رجس الطغاة- ثورة بناء الإنسان الحر الكريم وبناء الوطن القوي المتين، بها  يفتخر الشرفاء وليذهب أهل المهانة إلى الجحيم.
  6. وجهك يا وطني كوجه الطفولة الناعمة، وقلبك كقلب أطفالك الحالمين بالمجد، وكلما اشتدت وعورة الدرب واحمرّ الأسى والخطب ضممتك إلى صدري خوفاً عليك من اللصوص والخطّافين، سأحملك يا وطني وأقطع بك الجسور، وأقفز فوق الجدران، وأتخطى بك الألغام حتى لا يصيبك شر أو مكروه، فديتك بروحي يا وطني.
  7. جميل أنت يا وطني ولطيف، ولأجل جمالك وبهائك طمع بك اللئام، فنهشوك بأنيابهم المسمومة حقداً وغلاً، لكنك كنت عصياً عليهم فأهلكتهم جميعاً وقتلتهم بغيظهم، ولن يغلب بارودهم شذى عطرك الفواح، ولن يتفوق نارهم على سنابل قمحك الذهبية، جميل أنت يا وطني حتى حين تغضب، لأنك حين تغضب تحرق الحاقدين المعتدين.
  8. كم فتحت أبوابك للزائرين يا وطني، وهللت لهم بشرا وتكرّماً، وعندما اشتدت عليك النوائب، وداهمتك الخطوب، تخلى عنك الأصدقاء وجفاك الأشقاء وأعرضوا عنك، ومنهم من جاءك بالموت الزؤام والحصار الغادر، لا عليك يا وطني فكل يعمل على شاكلته ويبوح بأصله.
  9. اليوم تبرهن سوريا أنها اكتنزت في طياتها كنوزاً لا مثيل لها، ففي وطني رجال لا كالرجال وفيه نساء خارقات لجدران الأزمات، أما الطفولة في سورية فلها حكاية أخرى لا تنتهي، فكل المعادن النفيسة حصرية لديك ففيك: الدر واللؤلؤ والعوهق، وفيك الياقوت والذهب واللجين، وفيك المرمر واليشب واللمار، وفيك الجمان والريماس والفيروز، وفيك البجادي والمرجان والماس الريمي، فيك الزبرجد واللازورد والمروة.
  10. شعب سورية هو شعب المعجزات وشعب المنجزات، من قلب الظلام شعبنا يصنع الضياء، ومن صميم الأزمات يصنع الأمل، شعبنا أستاذ المعالي وسيد المكارم والمفاخر على المدى.
  

ليست هناك تعليقات